قراءة تحليلية لدور الجامعة في تطور وتقدم المجتمع باعتبار أن الجامعة تضم العناصر الأوثق أرتباطاً بالمجتمع التجديدية، والأكثر خضوعاً للمشاركة المنقادة، بحيث تصبح الجامعة في أيامنا الموضع الممتاز التي تنشأ فيها المعارضة للتكنوقراطية وللقوى المسيطرة التي تشترك معها، وما دامت المعرفة العلمية لا تضطلع بدور جوهري في التطور الاقتصادي، ولم تكن قوة إنتاج عظيمة، كانت الجامعة على الخصوص مكان نقل للنظام الاجتماعي والتراث الثقافي ومكان دفاع عنهما، ومن هنا أن الجامعة التي تقترن فيها حركة البحوث العلمية مع تطور المجتمع بقيمة وعلاقاته وتقاليده كان لا بد من طرح السؤال الجوهري هل ستصبح الجامعة مكاناً للدمج الاجتماعي أم مكاناً للمشاققة، وخاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تحيق بعالمنا الإسلامي والعربي، وخاصة أن الجامعة لم تعد مكاناً خارج مشكلات النمو، وأن أخطاراً جسيمة قد تنشأ بسبب عدم ربط تقدم المجتمع وقواه الاقتصادية بحركة الإبداع والتطور العلمي، وما يستتبع من ضرورة، تأسيس مراكز الدراسات والبحوث العلمية، ورعاية العلم والعلماء وتقديم كل الدعم المادي والمعنوي لهم والعمل على تفرغ أهل الاختصاص تفرغاً كاملاً، إضافة إلى العمل على تعاون وتضافر فروع العلوم المختلفة لتؤدي إلى المزيد من ربط العلم بالمجتمع وحاجاته التنموية، كذلك من الأهمية بث روح التفاؤل ومشاركة الشباب في تحديد خيارات مستقبلهم، لتشجيعهم على التفوق في مجالات اختصاصهم.
يذكر أن أهم المشكلات التي يعانيها الشباب في الوقت الراهن ظاهرة البطالة في أوساطهم، إذ أن الأرقام عن البطالة الحاصلة في أوساط خريجي الجامعات تثير الحزن والدهشة والاستغراب وهي مؤشر حقيقي عن حالة التخلف والسكونية المجتمعية، وما ظاهرة هجرة العقول المفكرة والمبدعة إلى الخارج إلا دليلاً ساطعاً على أن مجتمعاتهم عاجزة عن تأمين الحد الأدنى من مستلزمات طموحاتهم الحياتية ومؤشر عن ضعف البنية الاقتصادية، إن خسارة طاقات الشباب الخلاقة المبدعة هي خسارة مضاعفة أضعافاً مما هو بادر للعيان، أبسطها الفراغ الحاصل في قدرة المجتمع العلمية، وتراكم تدني الضعف في العلاقات الانتاجية – وإتساع مخرجات الفقر والجهل وانتشار ثقافة الاستهلاك، وعالم الأزياء، وتفشي الأمراض الخطيرة مترافقة مع العادات والتقاليد البالية، وابتعاد القسم الأعظم من الشباب عن أخلاقيات التعاون والتعاضد المجتمعي لتبرز ظواهر متعددة ليس للعلم وملحقاته وتطبيقاته، بشيء يذكر، إن الشباب طاقة متجددة نشطة تحمل في داخلها كل أسس الحضارة والتقدم، فهم أدوات الحاضر، وأهم طاقاته وقدراته وتتوقف نجاح المجتمعات وتطورها على حسن استثمار وتوظيف طاقاتهم وقدراتهم لنهضة مجتمعاتهم، وتطورها بل نستطيع أن نقول أن (الشباب) القلب – والعقل المفكر للأمة وبتعطيلها يتم تعطيل الحياة إن المجتمعات التي ترسم بحق مستقبلها، تضع مشاكل وتحديات واستحقاقات الشباب في مقدمة أولوياتها، وفي صلب برنامجها الاقتصادي والثقافي والسياسي وخاصة أن المجتمعات العربية والإسلامية، في سباق مع التطورات الدولية الحاصلة فإن لم يحسن التعامل مع أكثر القوى الاجتماعية عطاءاً فإن مظاهر التخلف والفقر وتراجع معدلات النمو والخلل البنيوي، في جميع أحواله سيكون بانتظارنا وستظل مجتمعاتنا مسكونة بالفقر والجهل والتخلف