أما آن للدمامل المتقيحة في جسد هذه الأمة أن تختفي عن ساحة المشهد اليومي المتكرر منذ فترة ليست قصيرة، وإلى متى سيظل الواقع العربي يسمع ويرى ويتلمس ويتأثر بهذه الظروف الاستثنائية.. ومن يدفع فاتورة الإرهاب وسياسة التكفير وعدم الاستقرار ومنعكساتها على كامل التفاصيل اليومية في حياة البشر، لقد كتب الكثير عن الإرهاب كموجة عابرة وحدث عابر إلا أن ما يؤكد على أن الساحة العربية فيها من الاحتقان لا تكفيها سنوات للخلوص النهائي من هذه الآفة الخطيرة وخاصة إذ لم يتم معالجة ظاهرة الإرهاب من جذوره الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية إذ أن منابع الإرهاب تختفي وراء التفاصيل الصغيرة... والتي للأسف لا يلمسها عباقرة المفكرون والباحثون الإستراتيجيون العرب لا في سلوكهم ولا في لباسهم ولا في شرابهم، ولازالوا يتعاملون مع ظاهرة الإرهاب من زاوية الفهم الأمني المباشر أو عن طريق بعض التسويات التي تحصل هنا وهناك وسرعان ما يكتشفون أن أبحاثهم وقراءتهم ومواقفهم ذهبت أدراج الرياح وهم ثانية يواجهون خطر وآفة الإرهاب من جديد، يهمنا في هذه المقالة أن نشير إلى دور منظمات المجتمع الأهلي والقوى الدينية المتنورة والإرث الاجتماعي المبني على اللاعنف والتسامح والعدل والتشارك في اتخاذ القرارات المصيرية منها والحياة اليومية المعنية بالشأن العام، إذ أن كرامة المواطن واستقراره النفسي والمادي والاجتماعي هي من أهل المداخل الحقيقية لتأسيس عقد اجتماعي للسلم الأهلي والدواء الشافي لكل إرهاصات الحالة العامة التي تعيشها الأمة الإسلامية، مترافق مع إحقاق حقوق البشر وتأمين فرص تعدد الخيارات وإتاحتها والعمل على تحقيقها لتشكل عامل هام وضروري من أجل إضعاف الدور التخريبي للإرهاب وتالياً العمل على محاصرة الفكر التكفيري الذي يسعى دائماً وأبداً إلى تسميم الأجواء الإنسانية وذلك عبر تجييش بعض الأفكار، ولتصورات أن تم مناقشتها والحوار منها ستضعف كثيراً قابلية القبول بهذا الفكر وحيث يسعى إلى تسعير المواقف والتعبير عنها بلغة جهادية – نارية لتثبيتها وللأسف نجد بعض الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب يوظف إمكانيات هائلة في هذا الاتجاه وتقف وراء هذا الإعلام، كبرى الشركات الاحتكارية والمافيات والعصابات التي تستفيد بهذا الشكل أو ذاك من أي عمل إرهابي على هذه الأرض وبالمقابل لا نجد إعلاماً نزيهاً حراً ديمقراطياً إنسانياً يتطابق مع اصطفاف مؤشر في الحياة العامة لتشكيل رأي وموقفاً حاسماً من الإرهاب والجريمة، فالمواطن العربي هو بين نارين استبداد داخلي مرشح للمزيد من العنف والعنف المضاد وقوى ظلامية تكفيرية تريد أن تحرق الأخضر واليابس في سبيل تفكيرها العصبوي ومستبعدة في سلوكها لكل ما يربطها بالأخلاق والسلوك الإنساني، فإلى متى ستظل شعوبنا ومجتمعاتنا تعاني من نتائج هذا الإرهاب المدمر لكل الطاقات والإمكانيات الإنسانية، إن في تراثنا الإسلامي وفي مكونات مجتمعاتنا الكثير من الرؤى والتصورات والبدائل للمأزق الراهن وخاصة ما يتصل به من بواعث الإرهاب ففي قراءة لسماحة الإمام الراحل محمد الحسين الشيرازي (قدس سره) أكثر من جواب وأكثر من بديل لوقف النهائي لهذه الظاهرة وخاصة بما يتعلق بأهمية ودور اللاعنف ومقوماته وأسسه وإستراتيجيته في إعادة الحياة الطبيعية إلى مجتمعاتنا وإلى أمتنا الإسلامية.