مدرسة دشنا الإعدادية
مدرسة دشنا الإعدادية
مدرسة دشنا الإعدادية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدرسة دشنا الإعدادية

تعليميى ثقافى
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
المواضيع الأخيرة
» Add me fast
أحمد عرابي Icon_minitimeالثلاثاء سبتمبر 15, 2015 9:49 am من طرف محمود محمد حفنى

» دشنا الحديثه
أحمد عرابي Icon_minitimeالخميس أكتوبر 20, 2011 12:01 pm من طرف السفير ابو فتحى

» التفاعل الكيميائي
أحمد عرابي Icon_minitimeالخميس أكتوبر 20, 2011 11:57 am من طرف السفير ابو فتحى

»  ورقة بن نوفل
أحمد عرابي Icon_minitimeالجمعة أكتوبر 14, 2011 10:03 am من طرف السفير ابو فتحى

» موضوع عن الام
أحمد عرابي Icon_minitimeالجمعة أكتوبر 14, 2011 9:55 am من طرف السفير ابو فتحى

» ليلة النصف من شعبان
أحمد عرابي Icon_minitimeالخميس سبتمبر 29, 2011 3:15 pm من طرف السفير ابو فتحى

» ليلة القدر
أحمد عرابي Icon_minitimeالخميس سبتمبر 29, 2011 3:05 pm من طرف السفير ابو فتحى

» الاسراء والمعراج
أحمد عرابي Icon_minitimeالخميس سبتمبر 29, 2011 2:57 pm من طرف السفير ابو فتحى

» بحث عن ثوره 25 يناير
أحمد عرابي Icon_minitimeالخميس سبتمبر 29, 2011 2:56 pm من طرف السفير ابو فتحى

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» Add me fast
أحمد عرابي Icon_minitimeالثلاثاء سبتمبر 15, 2015 9:49 am من طرف محمود محمد حفنى

» دشنا الحديثه
أحمد عرابي Icon_minitimeالخميس أكتوبر 20, 2011 12:01 pm من طرف السفير ابو فتحى

» التفاعل الكيميائي
أحمد عرابي Icon_minitimeالخميس أكتوبر 20, 2011 11:57 am من طرف السفير ابو فتحى

»  ورقة بن نوفل
أحمد عرابي Icon_minitimeالجمعة أكتوبر 14, 2011 10:03 am من طرف السفير ابو فتحى

» موضوع عن الام
أحمد عرابي Icon_minitimeالجمعة أكتوبر 14, 2011 9:55 am من طرف السفير ابو فتحى

» ليلة النصف من شعبان
أحمد عرابي Icon_minitimeالخميس سبتمبر 29, 2011 3:15 pm من طرف السفير ابو فتحى

» ليلة القدر
أحمد عرابي Icon_minitimeالخميس سبتمبر 29, 2011 3:05 pm من طرف السفير ابو فتحى

» الاسراء والمعراج
أحمد عرابي Icon_minitimeالخميس سبتمبر 29, 2011 2:57 pm من طرف السفير ابو فتحى

» بحث عن ثوره 25 يناير
أحمد عرابي Icon_minitimeالخميس سبتمبر 29, 2011 2:56 pm من طرف السفير ابو فتحى

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الصفحة الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 ابحـث
منتدى
التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني
pubarab

 

 أحمد عرابي

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
آيه جمال عايد
عضو جديد
عضو جديد



عدد المساهمات : 30
نقاط : 99
تاريخ التسجيل : 27/11/2010

أحمد عرابي Empty
مُساهمةموضوع: أحمد عرابي   أحمد عرابي Icon_minitimeالأحد نوفمبر 28, 2010 10:26 am

الخلفية

أدخل الخديوي إسماعيل الجيش المصري سلسلة من المغامرات العسكرية الفاشلة في الحبشة وحرب القرم والمكسيك لأسباب سياسية خائبة وتحت إمرة مرتزقة غربيين يفتقدون الخبرة العسكرية. تلك المغامرات العسكرية أنهكت و حطمت الجيش المصري وأفقدته التأييد الشعبي وأثقلت كاهل الخـزانة المصرية بالديون (مما أدى إلى إشهار افلاس مصر وهي الحالة الوحيدة في تاريخ الاقتصاد العالمي) وأكسـبت مصـر من الأعداء ما كانت في غنى عنه:

الحملة الفاشلة على الحبشة في 1875 - 1876 (حملة الحبشة) تحت قيادة جنرالات الجنوب الأمريكي (الكونفدرالي) المدحورين في الحرب الأهلية الأمريكية.

* حرب القرم
* حرب المكسيك

النشأة
أحمد عرابي باشا

ولد عرابي في 1 أبريل 1841 في قرية هرية رزنة بمحافظة الشرقية. عندما شب عن الطوق، أرسله والده الذي كان عمدة القرية إلى التعليم الديني حتى عام 1849 ثم التحق بالمدرسة الحربية. ارتقى أحمد عرابي سلم الرتب العسكرية بسرعة حيث أصبح نقيباً في سن العشرين.

امتاز أحمد عرابي "بطول القامة" (180 سم) وتناسق الوجه، وغلاظة الشفاة وكثافة الحاجبين. مظهره الخارجي هذا – كما زعم المعاصرون كان السبب في ترقيته سريعا في عهد سعيد باشا (كذا). كان في العشرين من عمره يوم نال رتبة مقدم، في الجيش ولقب قائمقاما وأصبح ياورا للخديوي، لكنه كان في عد الرضا أيام اسماعيل باشا ولم يرق الى رتبة أعلى إلا بعد انصرام نيف وعشرة أعوام، فنال رتبة عقيد في الجيش ولقب "أميرالاي". وبالمناسبة ، اذا كانت تقييمات العديدين من الكتاب البورجوازيين نحو طموح عديم الكفاءة وصنيعة ثرثار وأمي، مرفوضة. فإن نجاريان يؤيد تأكيد المستشرق روتستين بأن عرابي رغم زيه العسكري المهيب ظل في الواقع فلاحا عادياً شبه أمي. ويردد مع إيڤانوڤ بأنه "لم يتلق تعليما عسكريا خاصا ولم يتميز بأية حنكة في التدريب العسكري".[1]

وقد قيم لوتسكي الضباط الذين خرجوا من أحضان الفلاحين ، ورفاق عرابي في السلاح بأنهم "من العناصر الديمقراطية الراديكالية". ووضعهم في موقع معارض من "الضباط الأشراف الباشوات"، فكان ديدنه الأساسي التذكير بالتيارات القائمة داخل الجيش، وطنية كانت أم اجتماعية، ولاسيما أنه سجل في مكان آخر من كتابه "كان ابنا لفلاح مصري من قرية هرية رزنة الواقعة في الوجه البحري"، لا بل وأنه أكد تأكيد شاهد العيان المعاصر أن الضباط المصريين لم يتقاضوا رواتبهم شهورا كاملة، و"أن عوائلهم عانت الجوع".

الجزم بالأصل الفلاحي للأميرالاي عرابي باشا لا يقتصر على لوتسكي وحده، وهو عار عن الحقيقة تماماً. كان ابنا لواحدا من أغنياء الفلاحين الذي عين عمدة (شيخ البلد). وكان قد ورث عن أبيه في الشرقية ثمانية فدادين (زهاء 3.5 هكتارات) من الأرض. استفاد من تفاقم أوضاع الفلاحين الفقراء الذين أصابهم الخراب فأوصل - ملكيته ابان خدمته العسكرية – إلى 750 فداناً أي ما يعادل 240 هكتارا. وأصبح من كبار الفلاحين العقاريين. ينبغي التذكير هنا أن من يملك خمسين فداناً وما فوق من الأرض في مصر يعد من طبقة الاقطاعيين الذين كانوا يشكلون نسبة 1.55% من سكان مصر ويمتلكون 43.8% من الأرضي المزروعة. وقد أصاب كيلبرگ الحقيقة في تحديده هوية عرابي باشا الطبقية- الاجتماعية: "كان من كبار الملاكين الذي استغل الفلاحين وحلم دوماً بأن يصبح اقطاعيا كبيرا، وقد تحقق حلمه فعلاً".

الضباط "الجائعون" من غير العرب الذين انضموا الى الجمعية السرية، كانوا أيضا "فلاحين" من نوع عرابي باشا. و"كانت أوضاعهم المادية تخولهم حق الانتساب الى الفئات الميسورة في المجتمع المصرية"، على حد تعبير المستشرقة تشرنوڤسكايا. وقد وصفهم المستشرق الروسي نيرسيسوڤ بأنهم "ارتبطوا اجتماعية بطبقة صغار الملاكين – الاقطاعيين في الريف". أما گولدوبين فقد كان على حق تماما حين قال: "لقد خرج هؤلاء الضباط من صفوف الملاكين العقاريين الجدد، ومن أحضان الفلاحين الأغنياء في الريف".

تجدر الاشارة هنا الى الحقيقة الهامة التالية: إن البورجوازية التي تشكلت في مطلع الربع الأخير من القرن التاسع عشر، يمكن اعتبارها "مصرية" مجازاً. ومن الحقائق المسلم بها أن الأجانب شكلوا القسم الأساسي من سكان المدن البورجوازيين، في حين كانت العناصر المختلطة بهم من المصريين العرب أو الأجانب المتمصرين (المسلمين) ممن يعدون على الأصابع. كان التجار الوسطاء من الأوروبيين القادمين من جنوب وشرق المتوسط. ولذلك نطلق مجازا تسمية البورجوازية الوسيطة المصرية على أولئك الناس الذين تحكموا في الصادرات والواردات والأعمال المصرفية والتشييد والبناء والتجارة الداخلية والصناعة المتدنية.

كان حملة العلاقات الرأسمالية من المصريين "شبه البورجوازيين" (تماذج أنماط الاستغلال الاقطاعي وشبه الاقطاعي مع نمط الانتاج الرأسمالي) من ممثلي الأسرة الخديوية، الذين شكلوا غالبية مطلقة بالنسبة لملاكي الأراضي الأجانب، وهم من كبار الاقطاعيين والملاكيين العقاريين الدخلاء ومن متوسطي الملاكين العرب. وقد وسع الأخيرون أملاكهم الخاصة على حساب أراضي أبناء بلدهم من الفلاحين الذين تعرضوا للخراب، أو عن طريق التدابير القسرية كالضرب والاهانة وغيرها من الوسائل التأديبية التي حاكوا فيها كبار الاقطاعيين المحليين. وكانوا يتتلمذون على أيدي الملاكين الاقطاعيين الأجانب في مجال الاستثمار الرأسمالي البشع. أجل، كانوا يستغلون كد وعرق الفلاحين الحقيقيين مع أولئك الضباط "الفلاحين" الذين أوكل اليهم أمر استثمار الفلاحين بوساطة شتى أنواع السخرة، والذين لم يجمعهم أي جامع بالوصف الذي أعطاه لوتسكي إياهم "عناصر ديمقراطية راديكالية وطنية". اللهم سوى الكفاح الذي سيخوضون غماره للحافظ على وجودهم وتعزيز مواقعهم من خلال الاصطراع مع الفريقين القويين: رجال الاقطاع والملاكين المحليين الذين "تبرجزا رغما عنهم" أولاً، ومع كبار الاقطاعيين الأجانب الذين "تحولوا رغم أنفهم الى شبه اقطاعيين".

كان بمقدور الضباط "الفلاحين" الموصوفين "بالعناصر الديمقراطية الراديكالية" أن يوطدوا علاقاتهم "بالبورجوازيين المدنيين" داخل المدن الكبيرة، حيث كانت البورجوازية التجارية المصرية تعاني سكرات الموت منذ مطلع القرن في جو من أطماع الدول الاستعمارية الكبرى والتأثير القوي النفوذ للشركات الرأسمالية الاحتكارية. وبكلام إجمالي كانت تعيش ضمن ظروف خانقة ان كان على الصعيد الاقتصادي أم السياسي داخليا وخارجيا معا. هؤلاء التجار حكم عليهم موضوعيا بالفناء والاندثار من جراء الاسلوب المبتذل والمهتري الذي مارسوا فيه نشاطهم التجاري – المالي في ظل غياب حماية ورعاية الدولة. أضف الى ذلك أن تدهور الحرف أصبح ناجزا، لأن أصحاب المؤسسات المهنية اعتمدوا على مساندة الدوائر العسكرية مقابل دفع مبالغ طائلة لها بالطبع.

اذا كانت الأوضاع على هذه الحال عصرئذ، فانها ازدادت حدة وتفاقما في أواخر الربع الثاني من القرن التاسع عشر، حين أصبحت الفئات العليا من التجار وأرباب المهن الحرة التي أفرزتها طبقة العسكر خاضعة لا لإمرة "الباشاوات الجراكسة"، وانما أصبحت تحت رحمة فئة الضباط "الفلاحين" الذين تسللوا بوسائل مختلفة الى هاتيك المناصب القيادية، وبالتالية قامت بدور "جابي الضرائب". ومن المضحك المبكي أن الضباط "الفلاحين" كانوا يتسترون بقناع الحفاظ على الرأسمال الوطني، وبتعبير آخر الدفاع عن الأغنياء "الوطنيين" ضد استفزازات وضغوط الرأسماليين الأجانب، متخذين من ذلك مظلة واقية لحماية التجار المصريين الذين كانوا يدوسون بأقدامهم أبسط المعايير البورجوزاية وينتهكون قدس أقداس قواعد العلاقات الرأسمالية.

كان الضباط "الفلاحين" يتطلعون الى الرتب العسكرية العالية (مقدم وما فوق) ليس من موقع الحافز المادي فقط، فاذا كان البنباشي ينال شهريا مرتبا قدره ثلاثة آلاف قرش، والمقدم (القائمقام) ثلاثة آلاف وستمائة قرش، فان راتب الأميرالاي (العقيد) يقفز فوق عشرة آلاف، وأمير اللواء الى خمسة عشرة ألف قرش. وفيما يخص الأميرالات (عرابي باشا مثلا) فان مرتبهم لا يتوقف عند زيادته بمقدار النصف (50%) فقط، بل ويتعداه الى نيل لقب الأميرالاي الذي يعني بحد ذاته نيل لقب الباشا السامي. وقد أكدت تشرنوفسكايا قائلة: "كان معظمهم من الفلاحين الذين ينظرون الى الخدمة العسكرية بوصفها الوسيلة الوحيدة التي تمكنهم من الارتقاء الى درجة اجتماعية أعلى".

كان الضباط المصريون العرب يصبون ليس الى زيادة رواتبهم من 30-36 ألف حتى 100-150 ألف قرش وحسب، بل كانوا يتطلعون خصوصا الى الانتقال من رتبة البكوية الى الباشوية، ومن طبقة الاقطاعيين – الملاكين الى طبقة الأشراف. وبالتالي الحصول على الامتيازات الواسعة الممنوحة للباشاوات الجراكسة. فكانت الهوية "الفلاحية" التي أطلقها عليهم خصومهم ومنافسوهم، أو تبنوها بأنفسهم في سبيل الاستفادة من شعار "مصر للمصريين" الجذاب، خدمة لمآربهم المهنية الفئوية الضيقة في جوهرها ومحتواها، وفي سبيل كسب شعبية واسعة داخل الأوساط العسكرية. كيف لا ومعظم الجنود من أبناء الفلاحجين الذين كانوا يعبرون عن سخطهم وتذمرهم ليس من مواقع فئوية – مهنية فحسب، بل من مواقع اجتماعية – اقتصادية وقومية – وطنية واعية. ومن هذا الموقع بالذات اتسم شعار "مصر للمصريين" بطابع شعبي ديمقراطي استقطب آمال وتطلعات الغالبية الساحقة في الجيش المصري. وبهذا الصدد كتب كولفين يقول: "يتألف الجيش أساسا من المصريين أبناء دافعي الضرائب التعساء، كان تعاطف الجيش بكل مستوياته مع أبناء الوطن حتما".

كلمات كولفين الأخيرة تدفعنا للتركيز على الاعتبار الهام التالي: كانت الخدمة الاجبارية في الجيش بمثابة حكم بالأشغال الشاقة المؤبدة على أبناء الفلاحين. فمن الحقائق الثابتة في مصادر التاريخ العربية والأجنبية (الجبرتي، الدبلوماسي الروسي قسطنطين بازيلي، الأكاديمي الفرنسي بوجولا، العالم الانكليزي لين وغيرهم) أن السوط كان يرمز الى سلك الضباط في مفهوم الجنود الفلاحين. ومن هنا يصبح جليا أن النفخ في صور الشعار الوطني وجعله أكثر شعبية ورواجا من الضرورات اللازمة بالنسبة لعرابي باشا وأنصاره في كفاحهم ضد الباشوات الجراكسة، باعتباره الدعامة الأساسية الاجتماعية تحلقيق النتائج المرجوة.

مهما يكن من الأمر، فقد اصطمدت تطلعات الضباط العرب الاجتماعية أم الاقتصادية بالمعارضة الشديدة من قبل "الباشاوات الجراكسة" ، فاتخذت طابع التمرد العكسرية داخل الثكنات. فانضمام الضباط الى معسكر "اللائحة الوطنية" وموالاتهم "للحزب الوطني المصري" في أبريل 1879 شكلا غطاءا قوميا لتطلعاتهم وطموحاتهم، فضلا عن نيلهم الدعم القوي من قبل رجال الاقطاع والأشراف الملتفين حول الخديوي إسماعيل، أي من "الجناح المدني للتنظيم الصاعد".

ومن اللافت للنظر أن تبني الضباط لشعار "مصر للمصريين" اتصف بتناقش ظاهري ملموس. "فالعداء للأتراك" (الكراهية ازاء العناصر الدخيلة الناطقة بالتركية من الأتراك العثمانيين الأصليين او الذين استتركوا من الجركس والأكراد والألبانيين وغيرهم) لدى هذه الفئة من الضباط، لم يقف حائلا دون انتعاش النزعة العثمانية في أوساطهم، إما عن قناعة وإيمان، واما مواربة واحتيالا، ودون اخلاص – ولو ظاهريا – للسلطان الحليفة والتفاني في سبيل السلطنة العثمانية . أولئك الناس الذين لم يكونوا يعدون من الموالين للسلطان. فالأمر لا يتعلق فقط بالخضوع للسلطان – الخليفة من منطلق الايمان بالإسلام، ولا بحوية الدعم المتوقع من الأستانة باتجاه تقوية الميول المعارضة لتسلط الحكام الأتراك المحليين، وللحد من الهيمنة المتزايدة للأجانب الكفار. بل هنا اعتبار خطير وهام جدا يتربط مباشرة بمصالح فئوية – ضيقة ومنافع مهنية محددة. فالترقي من رتبة الضباط الذين هم دون الأشراف – البكوات الى رتبة الأميرالاي – الباشا لا يتم إلا بموافق السلطان.

وهنا بالضبط يتجلى لنا الوجه الآخر والأكثر أهمية في التناقض الظاهري. فالشعار الذي رفعه الضباط الوطنيون "مصر للمصريين" كان موجها ضد احتكار الأتراك لرتبة الضباط الأشراف، كما كان نصله الحاد موجها بالضرورة ضد السلطنة، التي كانت تضفي هالة قدسية على ذلك الاحتكار. بيد أن توسيع مضامين الشعار من قبل العناصر الموالية للنزعة العثمانية والمتفانية في اخلاصها للسلطان ، كان يعني موضوعيا تأجيج المشاعر المعادية للنصارة والاستفزازات الاستمعارية الأجنبية التي غذت أيضا الميول الذاتية المعادية للأوربيين عامة، والتي وجدت تجلياتها في اطار الحزب الوطني. وهذا الأمر أدى بالضرورة الى تقليص وتحجيم طبيعة الشعار المعادي في الواقع للسلطان والسلطنة، والى تصاعد حمأة الدعوات المنادية بالتوجه صوب الباب العالي. هذا العامل الهام يجب أخذه بالحسبان في محاولتنا الرامية للبحث عن الدوافع التي حالت دون عرقلة انضمام الضباط ذوي الرتب الدنيا الى "الجناح العسكري" البارودي في الحزب الوطني المصري.

وفي آخر المطاف، كانت الجبهة "الوطنية" التي التأمت في ربيع عام 1879، موجهة أساسا ضد الاعتداءات من جانب انكلترة وفرنسة، وكان السلطان يتوقع منها كل الخير والمنفعة، أو بالأحرى كان السلطان يمتع ناظريه بمشاهدة الخلاف الذي ذر قرنه بين تابعه الخديوي المصري وأصدقائه الأوربيين، الأمر الذي قد يتيح له القيام بدور الوسيط بين الطرفين المتنازعين.

وعلى كل حال، كان خروج شعار "مصر للمصريين" عن نطاق ثكنات الضباط والجنود الذين كانوا مستعدين تماما للسير وراء زعمائهم وقادتهم. لم يكن يعني اطللاقا أنه أصبح شعارا مصريا شاملا. وبتعبير آخر، ما كان بامكان هذا الشعار أن يكتسب شعبية واسعة بالقدر الذي يخرجه من السر إلى العلن لو لم يجد الغليان الشعبي انعكاسات له في أوساط اجتماعية قوية التأثير والفعالية.
التخطيط البرلماني

في البداية رقي عرابي باشا، ثم أصبح مساعد-وزير الحربية، وأصبح وزيرا في نهاية المطاف. وبدأ خططه بتأسيس مجلس برلماني. في نهاية أشهر الثورة (يوليو - سبتمبر 1882)، تولى عرابي منصب رئيس الوزراء. ونتيجة لشغوره بالخطر، دعا الخديوي توفيق السلطان لقمع الثورة، ولكن الباب العالي تردد.
التدخل البريطاني
الثورة العرابية
أحمد عرابي يسلم الخديوي توفيق مطالب الشعب في مظاهرة ميدان عابدين
المقال الرئيسي: الثورة العرابية

الثورة العرابية وسميت آنذاك هوجة عرابي، وقامت إثر قرار طرد الضباط المصريين من الجيش المصري.

* الخديوي: كل هذه الطلبات لا حق لكم فيها، وأنا ورثت ملك هذه البلاد عن آبائي وأجدادي، وما أنتم إلا عبيد إحساناتنا.

- عرابي: لقد خلقنا الله أحرارًا، ولم يخلقنا تراثًا أو عقارًا؛ فوالله الذي لا إله إلا هو، لا نُورَّث، ولا نُستعبَد بعد اليوم.

استجاب الخديوي لمطالب الأمة، وعزل رياض باشا من رئاسة الوزارة، وعهد إلى شريف باشا بتشكيل الوزارة، وكان رجلا كريمًا مشهودًا له بالوطنية والاستقامة، فألف وزارته في (14 سبتمبر 1881)، وسعى لوضع دستور للبلاد، ونجح في الانتهاء منه وعرضه على مجلس النواب الذي أقر معظم مواده، ثم عصف بهذا الجهد تدخل إنجلترا وفرنسا في شئون البلاد، وتأزمت الأمور، وتقدم "شريف باشا" باستقالته في (2 فبراير 1882).

وتشكلت حكومة جديدة برئاسة محمود سامي البارودي، وشغل عرابي فيها منصب "وزير الجهادية" (الدفاع)، وقوبلت وزارة "البارودي" بالارتياح والقبول من مختلف الدوائر العسكرية والمدنية؛ لأنها كانت تحقيقًا لرغبة الأمة، ومعقد الآمال، وكانت عند حسن الظن، فأعلنت الدستور، وصدر المرسوم الخديوي به في (7 فبراير 1882 م).

غير أن هذه الخطوة الوليدة إلى الحياة النيابية تعثرت بعد نشوب الخلاف بين الخديوي ووزارة البارودي حول تنفيذ بعض الأحكام العسكرية، ولم يجد هذا الخلاف مَن يحتويه من عقلاء الطرفين، فاشتدت الأزمة، وتعقد الحل، ووجدت بريطانيا وفرنسا في هذا الخلاف المستعر بين الخديوي ووزرائه فرصة للتدخل في شئون البلاد، فبعثت بأسطوليهما إلى شاطئ الإسكندرية بدعوى حماية الأجانب من الأخطار.

ولم يكد يحضر الأسطولان الإنجليزي والفرنسي إلى مياه الإسكندرية حتى أخذت الدولتان تخاطبان الحكومة المصرية بلغة التهديد والبلاغات الرسمية، ثم تقدم قنصلا الدولتين إلى البارودي بمذكرة مشتركة في (7 رجب 1299 هـ = 25 مايو 1882 م) يطلبان فيها استقالة الوزارة، وإبعاد عرابي وزير الجهادية عن القطر المصري مؤقتًا مع احتفاظه برتبه ومرتباته، وإقامة "علي باشا فهمي" و"عبد العال باشا حلمي" –وهما من زملاء عرابي وكبار قادة الجيش- في الريف مع احتفاظهما برتبتيهما ومرتبيهما.

وكان رد وزارة البارودي رفض هذه المذكرة باعتبارها تدخلا مهينًا في شئون البلاد الداخلية، وطلبت من الخديوي توفيق التضامن معها في الرفض؛ إلا أنه أعلن قبوله لمطالب الدولتين، وإزاء هذا الموقف قدم البارودي استقالته من الوزارة، فقبلها الخديوي.
بقاء عرابي في منصبه

غير أن عرابي بقي في منصبه بعد أن أعلنت حامية الإسكندرية أنها لا تقبل بغير عرابي ناظرًا للجهادية، فاضطر الخديوي إلى إبقائه في منصبه، وتكليفه بحفظ الأمن في البلاد، غير أن الأمور في البلاد ازدادت سوءًا بعد حدوث مذبحة الإسكندرية في (11 يونيو 1882م)، وكان سببها قيام مكاري (مرافق لحمار نقل) من مالطة من رعايا بريطانيا بقتل أحد المصريين، فشب نزاع تطور إلى قتال سقط خلاله العشرات من الطرفين قتلى وجرحى.

وعقب الحادث تشكلت وزارة جديدة ترأسها "إسماعيل راغب"، وشغل "عرابي" فيها نظارة الجهادية، وقامت الوزارة بتهدئة النفوس، وعملت على استتباب الأمن في الإسكندرية، وتشكيل لجنة للبحث في أسباب المذبحة، ومعاقبة المسئولين عنها.
قصف الإسكندرية

ولما كانت إنجلترا قد بيتت أمرًا، فقد أعلنت تشككها في قدرة الحكومة الجديدة على حفظ الأمن، وبدأت في اختلاق الأسباب للتحرش بالحكومة المصرية، ولم تعجز في البحث عن وسيلة لهدفها، فانتهزت فرصة تجديد قلاع الاسكندرية وتقوية استحكاماتها، وإمدادها بالرجال والسلاح، وأرسلت إلى قائد حامية الإسكندرية إنذارًا في (10 يوليو 1882 م) بوقف عمليات التحصين والتجديد، وإنزال المدافع الموجودة بها.

ولما رفض الخديوي ومجلس وزرائه هذه التهديدات، قام الأسطول الإنجليزي في اليوم التالي بضرب الإسكندرية وتدمير قلاعها، وواصل الأسطول القصف في اليوم التالي، فاضطرت المدينة إلى التسليم ورفع الأعلام البيضاء، واضطر أحمد عرابي إلى التحرك بقواته إلى "كفر الدوار"، وإعادة تنظيم جيشه.

وبدلاً من أن يقاوم الخديوي المحتلين، استقبل في قصرالرمل بالإسكندرية الأميرال بوشامب سيمور قائد الأسطول البريطاني، وانحاز إلى الإنجليز، وجعل نفسه وسلطته الحكومية رهن تصرفهم حتى قبل أن يحتلوا الإسكندرية. فأثناء القتال أرسل الإنجليز ثلة من جنودهم ذوي الجاكتات الزرقاء لحماية الخديوي أثناء انتقاله من قصر الرمل إلى قصر التين عبر شوارع الإسكندرية المشتعلة. ثم أرسل الخديوي إلى أحمد عرابي في كفر الدوار يأمره بالكف عن الاستعدادات الحربية، ويحمّله تبعة ضرب الإسكندرية، ويأمره بالمثول لديه في قصر رأس التين؛ ليتلقى منه تعليماته.
مواجهة الخديوي ورفض قراراته

رفض عرابي الانصياع للخديوي بعد موقفه المخزي، وبعث إلى جميع أنحاء البلاد ببرقيات يتهم فيها الخديوي بالانحياز إلى الإنجليز، ويحذر من اتباع أوامره، وأرسل في 16 يوليو إلى "يعقوب سامي باشا" وكيل نظارة الجهادية يطلب منه عقد جمعية وطنية ممثلة من أعيان البلاد وأمرائها وعلمائها للنظر في الموقف المتردي وما يجب عمله، فاجتمعت الجمعية في (غرة رمضان 1299هـ= 17 يوليو 1882م)، وكان عدد المجتمعين نحو أربعمائة، وأجمعوا على استمرار الاستعدادات الحربية ما دامت بوارج الإنجليز في السواحل، وجنودها يحتلون الإسكندرية.

في اليوم نفسه إجتمع يعقوب سامي بعدد من وكلاء النظارات وكبار المواطنين والضباط.. وكان عدد الذين حضورا 70 شخصا.. وقرر الحضور إنعقاد إجتماع موسع من كبار العلماء والرؤساء الدينيين وأمراء العائلة الخديوية والأعيان.. وعقد هذا الإجتماع الموسع في اليوم التالي الإثنين 17 يوليو ، وحضره نحو 400 شخص في مقدمتهم الشيخ الإمبابي شيخ الإسلام والبطريرك كيرلس الخامس ، وقرروا ضرورة حضور الخديوي توفيق إلى العاصمة القاهرة ، وتشكيل لجنة برياسة علي مبارك لإبلاغ هذا القرار للخديوي ، وذهب علي مبارك ولم يعد للقاهرة. وعرف الناس أن المراقبين الماليين الإنجليز أخذوا الاموال الموجودة في صندوق الدين إلى المراكب الحربية.

وكان رد فعل الخديوي على هذا القرار هو اصدار بيان في نفس اليوم 17 يوليو 1882، بعزل عرابي من منصبه، وتعيين "عمر لطفي" محافظ الإسكندرية بدلا منه. وأردف البيان الخديوي بأن تجهيزات الحرب مسؤولية عرابي والخديوي غير مسئول عن تصرفات عرابي. ولكن عرابي لم يمتثل للقرار، واستمر في عمل الاستعدادات في كفر الدوار لمقاومة الإنجليز. بعد انتصار عرابي في معركة كفر الدوار أرسل عرابي إلى يعقوب سامي يدعوه إلى عقد اجتماع للجمعية العمومية للنظر في قرار العزل.

وفي (6 رمضان 1299 هـ = 22 يوليو 1882 م) عُقِد اجتماع في وزارة الداخلية، حضره نحو خمسمائة من الأعضاء، يتقدمهم شيخ الأزهر وقاضي قضاة مصر ومُفتيها، ونقيب الأشراف، وبطريرك الأقباط، وحاخام اليهود والنواب والقضاة والمفتشون، ومديرو المديريات، وكبار الأعيان وكثير من العمد، فضلا عن ثلاثة من أمراء الأسرة الحاكمة.

وفي الاجتماع أفتى ثلاثة من كبار شيوخ الأزهر، وهم "محمد عليش" و"حسن العدوي"، و"الخلفاوي" بمروق الخديوي عن الدين؛ لانحيازه إلى الجيش المحارب لبلاده، وبعد مداولة الرأي أصدرت الجمعية قرارها بعدم عزل عرابي عن منصبه، ووقف أوامر الخديوي ونظّاره وعدم تنفيذها؛ لخروجه عن الشرع الحنيف والقانون المنيف.
اغلاق ترعة السويس

لجأ الإنجليز والخديوي توفيق لمختلف الحيل لكسر شوكة أحمد عرابي ورجاله. صدر منشور من السلطان عبد الحميد الأول يعلن عصيان أحمد عرابي وأكد دليسبس أن الإنجليز لن يهاجموه في الجبهة الشرقية عن طريق قناة السويس لأن القناة محايدة. وانضم محمد سلطان باشا صراحة إلى الخديوي توفيق ضد عرابي. يوسف خنفس وعدد من الضباط. إحتل الإنجليز بورسعيد. وفي 21 أغسطس وصلت القوات الهندية إلى السويس وفي 25 أغسطس سقطت المسخوطة.
معركة القصاصين
المقال الرئيسي: معركة القصاصين

وقعت معركة القصاصين في 28 أغسطس 1882 أثناء تقدم الجيش البريطاني غربا في محافظة الإسماعيلية بقيادة جنرال جراهام حوصر من قبل الأهالي العزل فطلب الإمداد بمزيد من الذخيرة في الساعة 4:30 عصرا فوصلته الساعة 8:45 مساءا مما مكنه من القيام بمذبحة كبيرة بين الأهالي. [1]


معركة التل الكبير
معركة التل الكبير
المقال الرئيسي: معركة التل الكبير

وقعت معركة التل الكبير في 13 سبتمبر 1882 (الموافق 29 شوال 1299هـ) الساعة 1:30 صباحا واستغرقت أقل من 30 دقيقة. الإنجليز فاجأوا القوات المصرية المتمركزة في مواقعها منذ أيام والتي كانت نائمة وقت الهجوم. والقي القبض على أحمد عرابي قبل أن يكمل ارتداء حذائه العسكري (حسب اعترافه أثناء رحلة نفيه إلى سيلان) (ISBN 1-85532-333-Cool. حصدت المدفعية البريطانية في تلك المعركة أرواح نحو 10,000 مصري (حسب أحمد شوقي - انظر قصائد هجائه المرفقة لاحقاً).

عقب المعركة قال الجنرال گارنت ولسلي قائد القوات البريطانية أن معركة التل الكبير كانت مثال نموذجي لمناورة تم التخطيط الجيد لها مسبقا في لندن وكان التنفيذ مطابقا تماما كما لو كان الأمر كله لعبة حرب Kriegspiel . إلا أنه أردف أن المصريون "أبلوا بلاءاً حسناً" كما تشي خسائر الجيش البريطاني.

اختار ولسلي الهجوم الليلي لتجنب القيظ ولمعرفته بتفشي العشى الليلي (night blindness) بشكل وبائي بين الجنود المصريين إلا أنه لاحظ أن الجنود النوبيين والسودانيين لم يعانوا من هذا المرض.

وفي اليوم نفسه 15 سبتمبر عام 1882، عاد أحمد عرابي إلى القاهرة ليدافع عنها. وواصلت القوات البريطانية تقدمها السريع إلى الزقازيق حيث أعادت تجمعها ظهر ذلك اليوم ثم استقلت القطار (سكك حديد مصر) إلى القاهرة التي استسلمت حاميتها بالقلعة عصـر نفس اليوم. وقبض على أحمد عرابي وعلى العرابيين وعلى ثلاثين ألفا من المصريين الوطنيين.

عقد الإنجليز ما سُمى بالمجلس العرفي الذي قرر رفع عريضة الإستسلام إلى الخديوي توفيق.. وطلب المجلس من عبد الله النديم كتابة هذه العريضة. كتبها عبد الله النديم ولم يعتذر عن الثورة وألقى بالمسئولية كلها على الإنجليز وتوفيق. إعتذر المجلس العرفي عن عدم رفع العريضة بصياغة النديم إلى الخديوي. وكلف بطرس غالي بصياغة عريضة جديدة وكتبها وفيها كثير من المحاسنة والملاينة. وتلك هي العريضة التي رفعت للخديوي توفيق. وكان ذلك بداية الإحتلال البريطاني لمصر الذي دام 72 عاماً.

إثنين رفضا الإعتذار عن الثورة ، علي الروبي الذي قبض عليه وتقرر نفيه إلى السودان، حيث مات هناك وعبد الله النديم الذي ظل يكافح بما سمحت له ظروف الإختفاء لأكثر من تسع سنوات.
المحاكمة
عرابي في الأسر مع طلبة باشا
محاكمة عرابي

احتجز أحمد عرابي في ثكنات العباسية مع نائبه طلبة باشا حتى انعقدت محاكمته في 3 ديسمبر 1882 والتي قضت باعدامه. تم تخفيف الحكم بعد ذلك مباشرة (بناءا على اتفاق مسبق بين سلطة الإحتلال البريطاني والقضاة المصريين) إلى النفي مدى الحياة إلى سرنديب (سيلان). انتقل السفير البريطاني لدى الباب العالي، لورد دوفرن، إلى القاهرة كأول مندوب سامي - حيث أشرف على محاكمة أحمد عرابي وعلى عدم اعدامه.
النفي إلى سريلانكا
أحمد عرابي في المنفى بسيلان

وفي الساعة الواحدة بعد ظهر يوم 28 ديسمبر عام 1882 غادرت الباخرة مريوط ميناء السويس برفقة الأسطول البريطاني لنفي أحمد عرابي وزملائه ومحمود سامي البارودي ولاحقاً عبدالله النديم إلى سريلانكا حيث استقروا بمدينة كولومبو لمدة 7 سنوات. بعد ذلك نقل أحمد عرابي و البارودي إلى مدينة كاندي بذريعة خلافات دبت بين رفاق الثورة.

أرسل أحمد عرابي اعتذارات عدة إلى الملكة فيكتوريا انتهت بموافقة البريطانيين عام 1901 على العفو عنه واعادته إلى مصر.
العودة إلى مصر

عاد أحمد عرابي من المنفي في 30 سبتمبر 1901م ليقيم مع أولاده بعمارة البابلي بشارع الملك الناصر المتفرع من شارع خيرت، بحي السيدة زينب. وفي 13 أكتوبر 1901 صدرت جريدة المقطم الإحتلالية ، وبها حديث مع عرابي يلقي فيه سيفه ويعتذر عن الثورة.

لدى عودته من المنفى عام 1901 سعى أحمد عرابي إلى إقناع الإنجليز بتنصيبه ملكاً على مصر وبلاد العرب. وقد أعلن عن نسبه إلى الحسين بن علي بن أبي طالب. وقد أثارت تلك المطالبة الخديوي وأنصاره، مما عرض أحمد عرابي لحملة إعلامية شعواء تتقدمها جريدة اللواء والمجلة المصرية وأمير الشعراء أحمد شوقي. طالع هجاء أحمد شوقي لأحمد عرابي في معرفة المصادر.

كما أحضر أحمد عرابي شجرة المانجو (المانجو) إلى مصر لأول مرة. توفي في القاهرة في 21 سبتمبر 1911. ويعتبر قائد أول ثورة مصرية فى العصر الحديث.
عرابي بعد العودة من المنفى
ذكراه

* سميت على اسمه إحدى محطات مترو الأنفاق في منطقة وسط مدينة القاهرة.
* يحمل اسمه ميدان كبير في مدينة الاسكندرية.
* توجد صورته في شعار جامعة الزقازيق.
* يحمل اسمه شارع في محافظة الجيزة - شارع أحمد عرابي.
* سمي على اسمه طريق ساحلي في قطاع غزة - شارع أحمد عرابي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مروان
عضو نشط
عضو نشط



ذكر الاسد عدد المساهمات : 78
نقاط : 335
تاريخ التسجيل : 28/11/2010
العمر : 27
الموقع : دشنا شارع طراد النيل بجانب شبكة الكهرباء

أحمد عرابي Empty
مُساهمةموضوع: القبطان والنائب والفرعون مروان دياب الشرقاوي وبحث عن اهمية اللغة العربية   أحمد عرابي Icon_minitimeالأحد نوفمبر 28, 2010 11:45 am

Twisted Evil نشأة اللغة العربية
ودلالة أصواتها فيزيائياً
إن موضوع نشأة اللُّغة من المواضيع التي تناولها الباحثون قديماً وحديثاً، وأسهبوا فيها كثيراً، وأسفر عملهم ذلك عن بضعة آراء، من أهمها:
1 ـ التّواضع والاصطلاح في تسمية الأشياء دون أي علاقة منطقية بين الشّيء واسمه. ويكون من خلال اجتماع حكماء القوم واتِّفاقهم على اسم معين يتم إطلاقه على الشّيء.
2 ـ اللُّغة وحي من الله، وقد تم تعليم الإنسان الأول أسماء كل شيء.
3 ـ كانت نشأة اللُّغة نتيجة تفاعل الإنسان مع الأحداث وضرورة تواصله مع بني جنسه، وحاجاته لتخزين المعلومات، فولدت اللُّغة بصُورة تراكمية خاضعة لعامل الزّمكان وحاجة الإنسان.
لنناقش الآراء الثّلاثة:
الرّأي الأول:
إن عملية الاجتماع لاختيار اسم لشيء معين تدل على وُجُود كلمات معلومة بالنّسبة للقوم، أي عندهم لغة يستخدمونها، وبحثنا هو عن نشأة اللُّغة، وليس عن استخدامها في تسمية الأشياء، غير أن أساس اللُّغة هو أفعال وليس أسماء. فهو رأي ضعيف جدَّاً.
الرّأي الثّاني:
انطلق القائلون به من مسألتين:
المسألة الأولى: وُجُود نص قرآني يقول: [ وعلم آدم الأسماء كلها ]فعدُّوا هذا النّص دليلاً على أنَّ اللُّغة وحي من الله إلى الإنسان الأول(1)، وهذا الأمر في حقيقته يقتضي أن كلمات اللُّغة كلها قد علمها واستخدمها الإنسان الأول! أي أنَّ الإنسان الأول كان سابق في لغته عن الواقع الذي يعيشه، فهو يعرف أسماء كل ما كان وسيكون دون وُجُود لهذه الأشياء في الواقع، ودون وُجُود لدلالتها في ذهنه ضرورة، وإلا قام بتنفيذها وإخراجها إلى أرض الواقع واستفاد منها، ويقتضي أيضاً قيام الإنسان الأول الذي أوحيت إليه اللُّغة بتلقينها ألفاظاً دون معانٍ لأولاده، وهكذا تَسْتَمِرًّ عملية التّلقين من جيل إلى آخر. وهذا التّصُور لنشأة اللُّغة هو وهم مخالف للواقع تماماً حيث أنَّ اللُّغة هي نتيجة تفاعل الإنسان كجماعة وكمجتمع، وتراكم ذلك وتناميه ضمن زمن ليس بالقليل، فاللُّغة لم توجد في زمن واحد، ولم تكن نتيجة تفاعل إنسان واحد، وكذلك لم تكن نتيجة تفاعل مجتمع واحد، بل تفاعل مجتمعات بصُورة تراكمية متنامية حسب احتياج كل مجتمع وسعة تفكيره. ناهيك عن أن دلالة النّص القرآني ظنية الدّلالة لاحتماله أكثر من مفهوم وذلك حسب منظومة الباحث التي يستخدمها في البحث(<strong&g">وإحكامها فقالوا باستحالة أن تكون اللُّغة من صنع الإنسان، وذلك لانبهارهم بها وعدم مشاركتهم في عملية ولادتها وبنائها، فلقد وصلت إليهم بناء متكاملاً محكماً، ونزل القرآن عربي اللُّغة، والقرآن نص خاتمي ومعجز، فوصلوا إلى أنه لابُدَّ أن تكون اللُّغة التي تحتوي القرآن هي من المصدر ذاته. أي من الله تبارك وتعالى.</strong&g">
أولاً: إن اللُّغة العربية سابقة في وُجُودها عن النّص القرآني، وبالتّالي لا علاقة للنّص القرآني باللُّغة العربية ابتداءً.
ثانياً: اللُّغة لم توجد ابتداء على صُورتها الحالية دفعة واحدة، وإنَّما وجدت بصُورة تراكمية خلال فترات طويلة من الزّمن ساهمت المجتمعات الأولى في عملية ولادتها وبنائها، فهي ليست من صنع إنسان بعينه، بل يستحيل عليه أن ينشىء هذا الصّرح العظيم، فهي نتيجة تلاقح وتفاعل عقول المجتمعات مع الواقع بصُورة تراكمية. فكانت اللُّغة ظاهرة اجتماعية، ونتيجة تفاعل الإنسان مع الواقع. ومثل ذلك مثل سائر العُلُوم كلها، فقد بدأ الإنسان من نقطة الصّفرF[ أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً ]وبدأ الإنسان كمجتمع في رحلة التّعلم منذ أن تم النّفخ فيه من روح الله عز وجل، فتفعل عنده السّمع والبصر والفؤاد وسار في الأرض لينظر كيف بدأ الخلق. فلو جاء أحد الآن وهو لا يدري عن نشأة علم الرّياضيات شيئاً ونظر إلى عظمته ودقته وسعته الحالية لما صدق أبداً أن ذلك من صنع واكتشاف الإنسان، لأن من طبيعة الإنسان عندما ينظر إلى شيء يريد أن يحكم عليه ينطلق من صفة العجلة، ويهمل عامل الزّمان وصفة التّراكم المعرفي للمجتمعات، ويحسب أن ذلك الصّرح الرّياضي العظيم هو من بناء إنسان واحد وفي لحظة واحدة فيحكم مُباشرة باستحالة أن يصدر ذلك من إنسان، ولابُدَّ أن يكون هذا العلم الرّياضي من جهة عظيمة غير الإنسان. وما ينطبق على العُلُوم ينطبق على علم اللُّغة العربية تماماً.
فالإنسان كائن عظيم بما وهبه الله عز وجل من نعمة العقل والتّفكير والحُرِّيَّة، وجعله خليفة في الأرض [ ولقد كرمنا بني لآدم ] [ إني جاعل في الأرض خليفة ]وقديماً قيل: إذا عُرِفَ السّبب بطل العجب. فاللُّغة العربية هي نتيجة تفاعل الإنسان عقلاً وتفكيراً مع الواقع وتواصله مع بني جنسه وتراكم هذه المعلومات وتواصلها مع المجتمعات اللاحقة، فكل مجتمع يضيف تفاعله في علم اللُّغة لما سبق إلى أن تم بناء نظام وأساس اللُّغة واكتمال الأبجدية الصّوتية التي هي بمثابة اللّبنات والعناصر الأساسية التي تم استخدامها في بناء اللُّغة.
والقرآن نزل مستخدماً اللُّغة العربية ليوصل إلى النّاس مضموناَ معيناً من الدّلالات، والكلمات التي استخدمها الله في صياغة النّص القرآني هي ذات الكلمات التي يستخدمها الإنسان في كلامه مع الآخرين، والمعجزة في النّص القرآني كانت في طريقة استخدام الكلمة وتركيبها مع أخواتها بصُورة مطابقة لمحل الخطاب من الواقع تماماً وتغطي الحدث من بدايته إلى منتهاه حيث لا يقبل النّص أي زيادة في المبنى مع مرور الزّمن وتقدم العُلُوم عند الإنسان، ومن هذا الوجه نقول: النّص القرآني صالح لكل زمان ومكان. وتجلت تلك الحقيقة في ثبات النّص كمبنى وتحركه كمعنى ضمن معطيات دلالات المبنى ومعلومات الواقع وكل ذلك على محور الثّابت والمتغير.
لذا فإن القول بأن نشأة اللُّغة العربية وحي من الله عز وجل هو رأي ضعيف جدَّاً، وبعيد عن الصّواب والبحث العلمي، وسنثبت ذلك أثناء تكلمنا عن الرّأي الأخير.
الرّأي الثّالث:
إن اللُّغة العربية هي نتيجة تفاعل الإنسان كمجتمع مع الواقع، وهذا الرّأي هو الصّواب من بين الآراء المذكورة. لنر ذلك من خلال الشّرح.
أول أمر ينبغي العلم به هو العلم بالإنسان ككائن حي له غرائز وحاجات نفسية وجسمية(1)، ومن غرائزه النّفسية غريزة التّعلم التي تدفعه إلى البحث والتّقصي عن حقيقة حدوث الأمور، وحتَّى تكون عنده القدرة على التّعلم ينبغي أن يملك أدوات التّعلم ودافع التّعلم، وهذه الأمور هي من الفطرة التي فطر الله النّاس عليها، فيُوجد انسجام وتكامل بين فطرة الإنسان والواقع الذي هو من خلق الله، فقد جعل الله الإنسان يتناغم وينسجم عقله وتفكيره وجهاز النّطق عنده مع الواقع تماماُ. فالإنسان الأول كجنس هو إنسان فطري ملتصق بالواقع أكثر من إنسان اليوم، ويتفاعل مع بيئته بصُورة انسجامية وتناغمية ويتنبه إلى تغيرات الطّبيعة وتقلباتها، فهو جزء لا يتجزأ من الطّبيعة، فكان واقعاً تحت تأثير وهيمنة الطّبيعة عليه بعكس إنسان المدنية والمعاصرة فهو يعيش حياة مادِّيَّة بين أربع جدران تسد حواسه من أن تتفاعل مع الواقع بل ويحارب الطّبيعة ويقوم بتلويث البيئة ويعيش مخالفاً لفطرته معادياً لبيئته.
أما الإنسان الأول كجنس فهو ربيب الطّبيعة وابنها البار المتكيف مع نظامها والملتصق بها كالتصاق الولد بأمه، يأخذ كل شيء منها. فلما بدأ الوعي عند الإنسان صار يحاكي أصوات الطّبيعة والكائنات الأخرى ويفهم لغتها التي هي الظّواهر الطّبيعية وذلك من خلال تفاعله الفيزيولوجي الإيجابي والسّلبي في استخدام جهاز النّطق عنده، وتفاعله النّفسي شُعُوراً وعقلاً فبدأ بإصدار الأصوات كفعل ورد فعل، وذلك بالتّعلم من الطّبيعة ذاتها، فأخذ صُور صوتية للظّواهر الطّبيعية، فكانت هي بداية ولادة الأحرف عند الإنسان الأول، وتراكم ذلك التّفاعل في المجتمع وأخذ بُعْداً اجتماعياً لتواصل ونقل الخبرات من جيل إلى آخر، فكان الإنسان الأول كجنس يتواصل من خلال التّصويت الذي هو في حقيقته صُور صوتية للظّواهر الطّبيعية، ونتيجة تراكم هذه الصّور الصّوتية أوجد أساساً للمجتمعات اللاحقة لتكوين اللُّغة، وذلك من خلال استخدام هذه اللّبنات والعناصر الأولى (الصّور الصّوتية) بضم صوت إلى آخر نتيجة علاقة بينهما في الواقع بصُورة متتابعة كظاهرتين، فنشأت الصّورة الصّوتية المؤلفة من مقطعين من الصّوت كبداية لنشأة اللُّغة وأساس لبنائها، وكان ذلك في مرحلة التّعقل والتّفاعل الإنساني وعندما اشتدت الحاجة وكثرت العلاقات الجماعية وتعقدت تمت عملية ولادة المجتمع، وبدأ الإنسان في التّفكير مستخدما اللُّغة كحقل ووعاء ومجال له لأنَّ الإنسان لا يفكر دون لغة، فاعتمد على الأساس الفطري الذي وصل إليه نتيجة تعقله وتفاعله مع الواقع الذي هو المقاطع الصّوتية وما ركبه منها من ثنائيات بصُورة فطرية وعقلية، فقام بتوسيع هذه الكلمات الثّنائية فطرة وتفاعلا وأضاف لها صوتا آخر لتصير ثلاثية الأصوات، وبذلك بدأ التّفكير عند الإنسان بصُورة متنامية وصاعدة مع توسع اللُّغة طرداً بحيث كلما زاد التّفكير توسعت اللُّغة بناءً وكثرت مفرداتها لتحتوي مادَّة التّفكير إلى أن وصلت إلى مستوى عظيم من البناء واكتملت من حيث النّظام الذي يحكم اللُّغة. فولادة اللُّغة من حيث الأساس إنَّما هي أمر فطري وظهر ذلك من خلال تفاعل الإنسان وتعقله ووصل إلى المقاطع الصّوتية (الأبجدية) والكلمات الثّنائية، وعندما بدأ التّفكير عند الإنسان كمجتمع ظهر ضرورة توسع اللُّغة وبنائها فظهرت الكلمات الثّلاثية تباعاً في كل مجتمع حسب مستواه المعرفي لتكون الوعاء والحقل لعملية التّفكير.
فولادة اللُّغة أساساً هي في مرحلة التّعقل والتّفاعل الفطري في المرحلة الأسروية الجماعية، وذلك كصُور صوتية ثنائية للظّواهر الطّبيعية أي لحركات الطّبيعة لأنَّ الواقع قائم على قانون الحركة، واللُّغة كونها انعكاس فطري له فأساس كلماتها هي أفعال، أما توسع وبناء اللُّغة فكان متزامنا مع بدء مرحلة التّفكير والفاعلية الاجتماعية. كصُور وظيفية أو حالية للأشياء أضيفت للصّور الصّوتية ليكونا مع بعضهما بعضاً نظام اللُّغة للأجيال اللاحقة. ودراسة هذه المراحل التي مرت بها اللُّغة العربية أمر مشاهد في الواقع الحالي من خلال دراسة مراحل اكتساب اللُّغة عند الأطفال، والقيام بقياس الغائب على الشّاهد.
خلاصة نشأة اللُّغة:
إن ا&a">، وهذه هي المرحلة التّعقلية السّابقة عن وُجُود اللُّغة، وتكون لأفعال النّفس من حيث الشُّعُور بالحزن والسّرور، والضّحك والبكاء، والحب والكره، فهذه الأمور لا تحتاج إلى لغة ومفردات حتَّى يعقلها الإنسان في نفسه، فهو يحب ويكره دون لغة. وكذلك ربط الأحداث بمسبباتها المُباشرة الواضحة أيضاً لا تحتاج إلى مفردات ولغة حتَّى يدركها الإنسان، فالإنسان يقوم بتعقل الأحداث بصُورة مُباشرة. نحو إدراكه أن فعل الطّرق يحتاج إلى طارق، أو لابد من وُجُود طارق يقوم بالفعل، وذلك مُرتبط بصفة التّمييز والتّحليل والتّركيب والرّبط، التي هي من صفات التّعقل خلقاً نتيجة النّفخة من الرّوح فيه، وهذا الإدراك العقلي لايحتاج إلى تفكير (دراسة وتجربة وتحصيل معلومات) فهو مجرد فقه للأمور على ظاهرها.
إذاً فعل التّعقل الذي ينتج عنه الفقه والإدراك هو سابق عن ميلاد اللُّغة، وولادة اللُّغة فعل لاحق لعملية التّعقل، وهذه الولادة للُّغة ظهرت من خلال إصدار أصوات فطرية بمثابة صُور حالية أو صوتية للأشياء والأحداث، التي تجري من حول الإنسان أو معه، وبناء على تفاعل الإنسان، وتراكم أفعاله، وصل إلى تدشين ما يسمى أساس اللُّغة من حيث الأبجدية الصّوتية، وتركيب الكلمات ذات المقاطع الثّنائية بصُورة فطرية، وفي هذه المرحلة لم تكن عملية التّفكير قد بدأت عند الإنسان، لأنَّ التّفكير غير التّعقل، إذ التّفكير عملية دراسة وتجربة وفاعلية وحصول على أدوات يتم استخدامها في تسخير الأشياء للإنسان، والتّفكير كوظيفة هو نتاج لولادة المجتمع، فعندما وُلِدَ المجتمع الإنساني في الجنس البشري زامن ذلك عملية بداية ظهور التّفكير عنده كضرورة اجتماعية، وهذا التّفكير لا يمكن أن يتم إلا ضمن حقل ومجال يستخدمه الإنسان في عملية الدّراسة، وجدولة المعلومات وحفظها، فكانت اللُّغة الفطرية ذات المقاطع الثّنائية هي الأساس والحقل الذي استخدمه الإنسان في عملية التّفكير، فاستجابت له نتيجة تفاعله معها فتم توسعها وظهور كلمات ذات مقاطع ثلاثية، وصارت بمثابة أوعية أو جسم يمثل أفكار الإنسان، وارتبطت مع الفكر والتّفكير بعلاقة جدلية، كلما توسع التّفكير توسعت اللُّغة معه لتسعه. وصارا كلاهما مظهر من مظاهر المجتمع والتّقدم والتّطور ونتج عن التّفكير صفة الفاعلية والعلم ليضافوا إلى عملية التّعقل التي نتج عنها الفقه والتّفاعل ليصير بين التّعقل والتّفكير علاقة جدلية، التّعقل يوصل إلى التّفكير، والتّفكير ينزل المعلومات إلى التّعقل(1).
(فاللُّغة ذات جذر طبيعي، وساق اجتماعية في الواقع تحمل في طياتها دلالتها).
إن الذّرة هي لبنة الكون التي تم الخلق منها، والخلية لبنة الكائن الحي، واللّبنة هي شيء متناه في الصّغر وتحتفظ بكل صفات البناء الكبير، فالبناء الكبير سواء الكون أم الحياة كلاهما يحتفظان بصفة اللّبنة الأولى، ولولا وُجُود هذه الصّفات في اللّبنة الأولى لما وجدت في الكون والحياة.
فالشّيء يأخذ حكم أجزائه لأنه يُوجد من خلال اجتماعها، فلو كان الجزء ميتاً وأضفناه إلى آخر مثله لحصلنا على بناء ميت لا حياة فيه.
والذّرة: كائن متحرك وهي لبنة الكون، فالكون كائن متحرك.
والخلية: كائن حي وهي لبنة الحياة فالكائن المخلوق من خلية هو كائن حي.
فاللُّغة مؤلفة من كلمات ذات دلالات في الواقع، وهذا يقتضي ضرورة أن يكون الحرف ذاته له دلالة، كونه لبنة الكلمة، ولو انتفى عن الحرف دلالته لانتفت عن الكلمة دلالتها ضرورة وصارت كلمة ميتة لا حياة فيها.
وكما أنَّ الذّرة لا تظهر في الواقع بفاعلية إلا إذا أضيفت إلى غيرها ضمن علاقة معينة، كذلك الحرف لا يتفعل إلا إذا أضيف إلى غيره ضمن علاقة معينة، فتظهر دلالة الكلمة من خلال اجتماع لبناتها ويكون ذلك بصُورة ثنائية كحد أدنى.
فالأحرف العربية هي صُور صوتية لظواهروأحداث واقعية، وإذا أردنا أن نحدد دلالة هذه الأصوات فيجب أن ندرسها من حيث واقعها، وكيفية نطقها، لأن عملية النّطق عند الإنسان هي عملية فطرية تفاعل من خلالها مع الواقع، فكان الصّوت الذي أصدره هو صُورة صوتية للحدث نقلها جهاز النّطق بأمانة دون زيادة أو نقصان، فدلالة الحرف قائمة فيه، والحرف هو لبنة الكلمة، والكلمة لبنة الجملة. ودلالة أصوات الأحرف هي مجرد صُور صوتية للظّواهر والأحداث الواقعية يقوم الإنسان باستخدامها من خلال إضافة صوت إلى آخر منسجم ومتلائم مع الحدث الذي يريد أن يتكلم عنه، فيتم إضافة حرف إلى حرف آخر ليتم بناء كلمة تدل على المقصود تماماً في الواقع أما إذا لم يكن في ذهن الإنسان علم بالواقع فإن جمع حرف إلى آخر بصُورة عشوائية لا يعطي للكلمة دلالة واقعية، وإنَّما يعطيها دلالة تجريدية كظاهرة فقط ممكن أن تحصل في الواقع، وممكن أن لا يصح جمع هذين الحرفين مع بعضهما لانتفاء وُجُودهما متتابعين في الواقع كظاهرة طبيعية أو حدث منته في الواقع ليس له تتمة أو بقية. نحو كلمة (طقر) فحرف الرّاء في الكلمة لا وُجُود لظاهرته في الواقع، لأن حرف القاف أفاد القطع الشّديد في الواقع وأنهى الحركة فكانت الكلمة هي (طق) ولا يصح إنهائها بحرف الرّاء. وكذلك كلمة (سبق) فلا يصح أن نضيف لها حرف الرّاء نحو (سبقر) لانتفاء وُجُود دلالة صوت حرف الرّاء (التّكرار) في نهاية دلالة هذه الكلمة كونها منتهية بقطع شديد ووقف وذلك خلاف كلمة (صقر، بقر) فإن الرّاء لها دلالة في الواقع والكلمة. فينبغي ملاحظة هذه النّاحية الفيزيائية في الواقع وتطبيقها في عملية تركيب أحرف اللُّغة مع بعضها بما يناسب ويدل على الواقع تماماً حتَّى تصير اللُّغة صُورة صوتية أو وظيفية أو حالية للواقع تماماً تعكس الحدث بأمانة، فإذا سمع الإنسان الكلمة استطاع أن يقوم بعملية التّصُور لدلالتها في الواقع من خلال دلالة أصوات الأحرف وتركيبها في الكلمة.
وسنعرض الآن دلالة أصوات الأحرف في الواقع جملة واحدة، ومن ثم نقوم بعملية الشّرح وبيان كيفية وُصُولنا إلى هذه الدّلالات من خلال ملاحظة صوت الحرف كيف يخرج من جهاز النّطق وإسقاطه على الواقع والإتيان باستخدام العرب للكلمات وملاحظة دلالتها وانسجام ذلك مع دلالة صوت الحرف في الواقع، فقمت بعرض نماذج لكل حرف واستفدت من قاعدة الثّنائية الضّدية للتّأكد من دلالة الكلمة من باب وبضدها تظهر الأشياء، فقلبت النّماذج أثناء دراستها لضبط الدّلالة والمعنى، فإذا تحقق المعنى في أحد الضّدين فهذا دليل على صحة الدّراسة، وينبغي الانتباه إلى أنَّ الكلمات الثّنائية هي كلمات فطرية، وبالتّالي دلالتها كامنة فيها ويصعب على الإنسان المعاصر أن يدرك دلالتها بسهولة، ولا سيما أنه يستخدم في حديثه الكلمات الثّلاثية لأنه إنسان ينتمي إلى مجتمع، بينما الكلمات الثّنائية هي لغة الإنسان الفطري عندما كان يعيش في صُورة جماعات وأسر لذا يجب التّريث والتّعمق في دلالتها وإدراك الرّابط بينها وبين ظواهرها في الواقع وملاحظة كيف أنَّ الكلمة الثّلاثية لا تلغي دلالة الكلمة الثّنائية وإنَّما تضيف لها دلالة إما توقيف الحركة أو إسراعها أو دفعها أو تكرارها أو استمرارها أو إعطائها جهداً أو بُعداً زمنياً.....إلخ حسب الاستخدام الاجتماعي الوظيفي للكلمة.
مثلاً: كلمة (كت) تدل على قطع أو ضغط خفيف وتنتهي بدفع خفيف متوقف. ونستخدم ذلك في حياتنا المعيشية بصُورة: كت الماء في إناء آخر. لاحظ عملية الكت للماء كيف تتم في الواقع. وإذا أسرعت في عملية الكت إلى درجة كبيرة وبدفعة واحدة نلاحظ أن وصف العملية قد تغير من كلمة (كت) إلى كلمة (صب) فإذا أضفنا حرف (ب) إلى كلمة (كت) تصير (كتب) ونكون قد انتقلنا من دلالة فطرية إلى دلالة اجتماعية، ومن دلالة صوتية إلى دلالة وظيفية، وهذه نقلة عظيمة وكبيرة، لذلك يرى القارئ للوهلة الأولى صُعُوبة الرّجوع من الحياة الاجتماعية إلى الحياة الفطرية وبالتّالي تضيع الرّوابط بين الكلمات، وتضيع أصولها.
فكلمة (كتب) تدل على جمع شيء إلى آخر. (مقاييس اللُّغة).
لنر ذلك تفصيلاً من خلال دلالة الأحرف.
ك: صوت يدل على قطع أو ضغط خفيف.
ت:صوت يدل على دفع خفيف متوقف.
ب:صوت يدل على جمع متوقف.
فعملية كت الماء قد أدركناها في الواقع. فماذا أضاف حرف (ب) لهذه العملية؟
نقول: كتب التّلميذ الدّرس، ونقول: كتاب القراءة.
ونقرأ قوله تعالى: (كتب ربكم على نفسه الرّحمة).
لقد ذكروا أن دلالة كلمة (كت) هي الجمع.
فهذه الصّورة ذاتها جعلوها لدلالة كلمة (كتب) رغم وُجُود زيادة حرف (ب) على كلمة (كت) والزّيادة في المبنى هي زيادة في المعنى كما هو معلوم.
لذا ينبغي الانتقال في الدّراسة للكلمات الثّلاثية من المستوى الفطري إلى المستوى الاجتماعي، ومن المستوى الدّلالي الصّوتي إلى المستوى الدّلالي الوظيفي أو الحالي مع استصحاب دلالة أصوات الأحرف فطرة، ودلالة الكلمات الثّنائية لأنها تفاعل فطري للإنسان الأول.
كت: كلمة تدل ظاهرتها الواقعية على حركة ضغط خفيف ودفع لهذا الشّيء المنضغط إلى جهة أخرى بصُورة خفيفة متوقفة، فدلالة كلمة (كت) لا علاقة لها بالجمع أو غيرها وإنَّما هي وصف دقيق لظاهرة العملية كيف تتم في الواقع أي وصف لعملية كت الماء، وليس لتجمع الماء في الإناء الآخر، مع العلم أن عملية الكت ليس بالضّرورة أن تنتهي بصفة الجمع نحو: كت الماء على اليدين لغسلهما. فالماء ينتهي به المطاف إلى التّفريق والذّهاب. ويجب العلم أنَّ الكلمة لا يدل عليها إلا ذاتها لأنها ظاهرة قائمة بذاتها وما استخدام الكلمات الأخرى في الشّرح إلا من باب التّقريب للدّلالة، فإذا وصلت الدّلالة الحقيقية يتم استبعاد الكلمات كلها. فعندما أضفنا حرف (ب) إلى كلمة (كت) أعطى لظاهرة الكت نهاية بصُورة جمع متوقف، ونقلها من الاستخدام الفطري التّفاعلي إلى الا&O" style="font-weight: normal; font-size: 16pt; font-family: 'Traditional Arabic'; mso-ascii-font-family: HQPB2; mso-hansi-font-family: HQPB2">[ كتب ربكم على نفسه الرحمة ]أي ألزم نفسه بفعل الرّحمة، والإلزام أتى من دلالة الجمع المتوقف لدلالة كلمة (كت) عندما أضيف لها حرف (ب).
كتب التّلميذ الدّرس. إذا قام بعملية ضغط ودفع خفيف منته بجمع متوقف.
وبذات الطّريقة نقوم بتحليل كل الكلمات التي نريد معرفة دلالتها في الواقع تماماً لنستخدمها بصُورة صحيحة في مكانها المناسب. وسوف يجد القارئ أني لم أقم بعملية الشّرح المفصل لكثير من الكلمات الثّنائية وإنَّما اكتفيت بدلالتها الفطرية وذلك خشية الإطالة ولترك هامش كبير يمارسه القارئ بنفسه للوُصُول إلى دلالتها المستخدمة باستخدام الطّريقة التي بينتها آنفاً مع العلم أني سوف أتطرق في آخر الكتاب لمجموعة من الكلمات الثّلاثية وأبين دلالتها وعلاقتها بالثّنائية وذلك كنموذج عملي للتّطبيق والتّدريب.
وينبغي ملاحظة أمر على درجة من الأهمية وهو أنَّ الكلمة هي وصف قائم في نفسها وليس هي تعبير عن ميول الإنسان. نحو كلمة (الجنة) فقد قيل أنها سميت كذلك لميل قلب الإنسان إليها، والصّواب أنها سميت كذلك لستر وإخفاء ما فيها، ولذا هي خاصَّة للمكان الذي فيه أشجار كبيرة وعالية سواء مال الإنسان إليها أم لم يَمل فهي جنة. وسوف نحاول الآن الوُصُول إلى دلالة أصوات الأحرف من خلال عملية سبر وتقسيم للكلمات المختلفة التي تنتهي بالحرف ذاته لمعرفة توجه حركة دلالة الكلمة إلى أين ينتهي؟ وهل تشترك كل الكلمات بهذه النّهاية؟ وذلك من باب إنَّما الأعمال بالخواتيم، واستخدام الكلمات على هذا الوجه هو برهان بحد ذاته على دلالة صوت الحرف في الواقع. فإذا صح هذا المعنى في جميع الكلمات يدل على أن دلالة صوت الحرف هو ما وصلنا إليه وأثبتناه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أحمد عرابي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أحمد عرابي
» أحمد عرابي
» أحمد زويل
» أحمد شوقي
»  أحمد حسن زويل

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدرسة دشنا الإعدادية :: مشاركات-
انتقل الى: