عبد الله بن سلام
يسمى عبد الله بن سلامه بن الحارث وهو صحابي جليل وكُنيته: أبو يوسف، من ذُرِّيـة يوسف عليه السلام . قال عنه الذهبي في السير: "الإمام الحَبْر، المشهود له بالجنة، حليف الأنصار، من خواصِّ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم".
وكان يهوديا من يهود بني قَيْنُقَاع
[عدل] إسلامه
عن أنس: أن عبد الله بن سلام أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمه إلى المدينة، فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمها إلا نبي: ما أول أشراط الساعة؟ وما أول ما يأكل أهل الجنة؟ ومن أين يشبه الولد أباه وأمه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "أخبرني بهنَّ جبريل آنفًا". قال: ذاك عدو اليهود من الملائكة.
قال: "أمّا أول أشراط الساعة فنار تخرج من المشرق، فتحشر الناس إلى المغرب. وأما أول ما يأكله أهل الجنة، فزيادة كبد حوت. وأما الشَّبَهُ، فإذا سَبَقَ ماء الرجل نَزَعَ إليه الولد، وإذا سبق ماء المرأة نزع إليها".
قال: أشهد أنك رسول الله.
وقال: يا رسول الله، إن اليهود قوم بهت; وإنهم إنْ يعلموا بإسلامي بهتوني، فأرسلْ إليهم، فسَلْهُمْ عنِّي.
فأرسل إليهم.
فقال: "أي رجل ابن سلام فيكم؟"
قالوا: حَبْرُنا وابن حبرنا، وعالمنا وابن عالمنا.
قال: "أرأيتم إن أسلم، تسلمون؟" قالوا: أعاذه الله من ذلك!
قال: فخرج عبد الله، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله ; وأن محمدًا رسول الله.
فقالوا: شرُّنا وابن شرِّنا; وجاهلنا وابن جاهلنا.
قال: ويلكم! اتقوا الله، فوالله إنكم لتعلمون أنه رسول الله حقًّا.
قالوا: كذبت.
فقال: يا رسول الله، ألم أخبرك أنهم قوم بُهْتٌ؟!
فأخرجهم رسول الله صلى الله عليه وسلم[2].
[عدل] اثر الرسول صلى الله عليه وسلم في تربيته
كان الصحابي الجليل عَبْد اللَّه بْن سلام ممّن أسلم مبكراً، فقد بدأت قصّته مع قدوم النّبي صلى الله عليه وسلّم إلى المدينة، فلما سمِع بقدوم النّبي صلى الله عليه وسلّم إلى المدينة، وعَرَفَ أنّ الناس قد تجمّعوا لاستقباله انطلق معهم، وهو يحمل الثمر الذي كان يقطفه في أرضه، فلما نظر إليه عرف أنّ وجهه ليس بوجه كذّاب، ولنَدَع عبد الله بن سلام يروي قصّة لقائه بالنّبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الذي رواه الترمذي: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة انْجَفَلَ النَّاسُ قِبَلَهُ، وَقِيلَ:قد قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ، قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ، ثَلاثًا، فجِئْتُ في النَّاسِ لأَنْظرَ، فلمَّا تَبيَّنْتُ وجْههُ عرَفتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ، فكان أوَّلُ شيْءٍ سمعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلامٍ"، فدنوت منه وشهدتُ أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمداً رسول الله، فالتفتَ النبي عليه الصلاة والسلام وقال: "ما اسمك؟" فقلتُ: الحصين بن سلام، فقال عليه الصلاة والسلام: "بل عبد الله بن سلام"، قلت: نعم، عبد الله بن سلام، والذي بعثك بالحق ما أُحبُّ أنّ لي اسماً آخر بعد اليوم.... الحديث.
[عدل] فضلة
عن ابن عباس: أن هذه الآية نزلت في ابن سلام، وثعلبة بن سعية، وأسد بن عبيد: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} الآيتين [آل عمران: 113، 114][3].
وعن عامر بن سعد، عن أبيه، قال: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأحد: إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام، وفيه نزلت: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} [الأحقاف: 10][4].
وعن مصعب بن سعد، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يدخل من هذا الفَجِّ رجلٌ من أهل الجنة"، فجاء ابن سلام[5].
والآية {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ}، قال مجاهد: هو عبد الله بن سلام[6].
وهو ممن يؤتون أجورهم مرتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لهم أجران: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيِّه وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، والعبد المملوك إذا أدَّى حق الله وحق مواليه، ورجل كانت عنده أَمَةٌ يطؤها، فأدَّبـها فأحسن تأديبها، وعلَّمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها فتزوجها؛ فله أجران"[7].
ومن مناقبه أنه نصر عثمان يوم الدار.
[عدل] وفاته
تُوُفِّي بالمدينة سنة ثلاث وأربعين[8] من الهجرة.